في الغرب، محاولة للاندماج مع حياة الجيل الجديد
في الشرق، المستخدم يتسائل من يتاجر في رقم هاتفي؟
مع تراجع عدد قراء الصحف، واتجاه مشاهدي التلفاز إلى تغيير القناة أثناء الفاصل الإعلاني بدأ يتزايد اهتمام المعلنين بالوسيلة التي لايمكن الهروب منها وهي "الهاتف الجوال".
فالهواتف الجوالة والأجهزة اللاسلكية المحمولة أصبحت تحتل الرقم واحد على قائمة الوسائل المفضلة لإرسال الرسالة الدعائية وخصوصاً في الحملات التي تستهدف الشريحة 18-34 سنة.
وقد بدأت كذلك أغلب وسائل الإعلام والإعلان تهتم بتوظيف الرسائل النصية، فعلى سبيل المثال تقوم بعض القنوات التلفزيونية بإتاحة المجال لمشاهديها للتصويت لبرامج الواقع وتبقى القناة بذلك على تواصل مع جمهورها وإن لم يكن يجلس أمام شاشة التلفزيون، كما تركز أغلب الشركات العالمية على وضع إعلاناتها في مواقع الإنترنت المصممة خصيصاً للتصفح من الهاتف الجوال مع اتجاه شركات أخرى إلى وضع مقاطع فيديو إعلانية على هذه المواقع بدلاً من الشريط الدعائي التقليدي، بالإضافة إلى بث المسلسلات القصيرة الخاصة بخدمات الجيل الثالث لشبكات الجوال.
وقد سجل هذا العام ارتفاع كبير في نسبة الاعتماد على هذه الوسيلة، كما بدأت الشركات المصنعة لأجهزة الهواتف المحمولة تطور شاشاتها وتزيد من حجمها ودقتها مع تزويدها بإمكانية الاتصال اللاسلكي استعداداً لدور أكبر ستحتله مستقبلاً.... فيما أظهرت نتائج إحدى الدراسات أن 30% من 217 مليون مشترك أمريكي بشبكات الهاتف الجوال يعتمدون بشكل كبير على الرسائل و 10% من مستخدمين الهاتف الجوال باتوا يتصفحون الإنترنت لاسلكياً عن طريق هواتفهم.
وبالنسبة للمعلنين يأتي تفضيلهم لهذه الوسيلة لعدة أسباب، أهمها أن هذه الأجهزة تكون بصحبة مستخدمها طوال الوقت وفي كل مكان، كما أنها خاصة ويهتم المستخدم بكل مايصله عليها فيسهل إنشاء علاقة معه من خلالها، بالإضافة إلا أنه من السهل إرسال رسائل موجهة لفئات محددة وبدقة تتجاوز دقة الحملات الدعائية عبر الوسائل الإعلامية التقليدية، ومن جهة أخرى فهي تختصر الوقت اللازم لتسويق المنتج بالوسائل التقليدية ويمكن إرسال أكثر من مليون رسالة في وقت قصير.
ويذكر أن إيرادات الإعلانات عبر الهاتف الجوال في الولايات المتحدة قفزت هذا العام إلى 150 مليون دولار أمريكي في مقابل 45 مليون دولار فقط في عام 2005م... فيما ارتفعت عائدات الإعلان من قبل الشركات التجارية على مواقع الإنترنت الخاصة بتصفحها من الهاتف الجوال إلى 75000 - 300000 دولار للحملة، في مقابل 25000 - 50000 دولار للحملة في عام 2005م.... كما قامت شبكة (فوكس) بعرض مسلسلات قصيرة لمستخدمين إحدى شبكات الجوال الأمريكية وكانت تعرض كل دقيقتين إعلانا تجارياً لمدة 10 ثواني.
خط رفيع بين الدعاية المشروعة واختراق الخصوصية
يعتبر هذا التوجه في قطاع الدعاية والإعلان محاولة للاندماج مع حياة الجيل الجديد، إلا أن الخيط الذي يفصل بين استغلال الأجهزة الشخصية للدعاية والإعلان وبين اختراق الخصوصية يبدو رفيع جدا.ً
فما يشغل شركات الدعاية والإعلان وشركات الهاتف الجوال والاتصالات اللاسلكية في الغرب هو كيفية الاعتماد على هذه الخاصية دون أن يتم تصنيف الرسائل النصية المرسلة للعميل من فئة (السبام) أو الإزعاج، ولذلك فهي تطلب من العميل أن يوافق على استلام الرسائل أو يشترك في الخدمة ويؤكد رغبته قبل أن تبدأ الرسائل بالوصول إلى هاتفه.
في المقابل كشف استطلاع مجلة "عربيات" عن أن مستخدم الهاتف الجوال في العالم العربي يرى أن هذه الخدمة قد انطلقت بالفعل وبشكل عشوائي في المنطقة دون أن يسبقها تنسيق أو تشريعات واضحة تحول بينها وبين اختراق الخصوصية وتجاوزها إلى الإزعاج المتواصل دون استئذان من صاحب الجوال.... وفي هذا الإطار يقول خالد المطوع – رجل أعمال - :" فجأة بدأ جوالي الشخصي يستقبل رسائل دعائية عن منتجات وعروض خاصة من شركات لم يسبق لي التعامل معها أو الاشتراك في خدماتها، ولا أعرف ماهو مصدر هذه الرسائل فرقم المرسل لا يظهر لدي ولاتوجد وسيلة لحجبها".
أما منال حماد – موظفة بشركة تقنية معلومات – فتقول:" مايجري لايمكن اعتباره مجرد استغلال ولكنه في واقع الأمر سرقة و (استغفال) فالشركات التي ترسل هذه الرسائل لاشك أنها تحصل من المعلن على مبلغ من المال ثم تبدأ بإرسال الرسائل بشكل عشوائي أو بتنسيق خفي مع شركات الاتصالات دون اعتبار لصاحب الجوال".... وتضيف:" الرسائل تزعجني، ولكن مايزعجني بشكل أكبر هو معرفة أن هناك من يكسب من وراء استغلال رقم هاتفي دون أن توجد وسيلة لمعرفته أو تقديم شكوى ضده، فببساطة جوالاتنا أصبحت وسيلة استثمارية للغير دون وجه حق".
نقلنا هذه الآراء للأستاذ يوسف المرواني – مدير شركة دعاية وإعلان – فقال:" لسنا مسؤولين بشكل مباشر عن الأخطاء التي تقع في هذا المجال، فعندما تكون لدينا حملة دعائية تستهدف مستخدمي الهاتف الجوال نتجه إلى إحدى الشركات المرخصة لتقديم هذه الخدمة مفترضين أنها سترسلها إلى عدد معين من العملاء المشتركين لديها وليس عشوائياً أو دون اشتراك، ولايمكننا أن نعرف مدى مصداقية الشركة قبل التجربة فمع الأسف في بعض الأحيان نكتشف أن الشركة تمارس اختراق لخصوصية المستخدمين دون اشتراكهم في خدماتها".... وعن الحل، يقول:" ننتظر دون أكبر من الجهات الرقابية حتى لايتضرر العميل أو المعلن من جراء ممارسات خاطئة ترتكبها الشركات التي تقدم خدمة الرسائل النصية".
"من يتاجر في أرقام هواتفنا؟".... سؤال يطرحه محمد الشمري – مستشار قانوني – ويجيب:" لايحق لشركة الاتصالات أو أي جهة تملك أرقام هواتف جوال لعدد كبير من الأشخاص أن تبيع قاعدة بياناتها لجهة ثالثة دون موافقة صاحب الهاتف"... وعن كيفية وقوع هذا النوع من التجاوزات يقول:" لا أستطيع أن أحدد السبب لأن الجهات المعنية لم تقم بالإعلان عن توفر هذه الوسيلة الإعلانية أو عن وجود قوانين واضحة تنظمها، لكن أغلب الظن أن هناك منافذ يتم من خلالها بيع وشراء قواعد بيانات تضم عدد كبير من أرقام الهواتف الجوالة التي قد يكون أصحابها سبق لهم تسجيلها في متجر أو مسابقة أو موقع إنترنت لاستقبال رسائل محددة، ثم يتفاجأ فيما بعد أن هذه الجهة قد باعتها لجهة أخرى أو سمحت لها باستخدامها دون أن يوافق المشترك على هذه الصفقة التجارية بالرغم من أنه طرف أساسي فيها".
الجدير بالذكر أن مؤسسة الإمارات للاتصالات قد قامت في وقت سابق بالإعلان عن طرح خدمة جديدة تتيح لعملائها من أصحاب الهواتف الجوالة حجب تلقي الرسائل النصية القصيرة غير المرغوب باستلامها خاصة تلك المرسلة من بعض الشركات الإعلانية
من مواضيع دلوعتي