استراتيجية التميز في السياحة
أصبحت السياحة في المملكة العربية السعودية خياراً استراتيجياً وصناعة اقتصادية واعدة تهدف إلى تحقيق عوائد مالية مجزية وتعمل على توفير وظائف للشباب السعودي في شتى قطاعات الأعمال خاصة المرتبطة بالسياحة، وتقديم خدمات سياحية متميزة تختلف عن السياحة في بقية دول العالم.
ولا شك في أن التميز في السياحة مبدأ تسويقي استراتيجي مهم، فقد أشار إليه الكثير من المختصين في التسويق، فأي مشروع لا بد وأن يقوم أو يعتمد على استراتيجيات تسويقية مختلفة ومنها استراتيجية التميزService Differentiation ، فمن خلال التميز يمكن أن تقدم السياحة العديد من الخيارات الجديدة للسائح والتي جسدتها الهيئة العليا للسياحة بالمملكة تحت شعار "نحو شراكة فعالة لتنمية السياحة الوطنية".
ولعل الكثيرين يتساءلون ويقولون من أين يأتي التميز وكيف يكون شكله؟ والبعض الآخر قد يضحك من كلمة التميز ولا يصدق بأن هناك قدرة على التميز في تقديم السياحة في الداخل، وهكذا تتباين الرؤى، ولكن يبقى الهدف واضحاً ومحدداً والطريق متاحاً لدخول سوق السياحة بكل عزيمة وثبات، والمملكة قادرة على أن تميز سياحتها عن بقية الخدمات السياحية لما تمتلكه من مقومات سياحية لا تملكها مناطق أو بلدان أخرى.
وعلى سبيل المثال: في شرح لفكرة السياحة ومضمونها وأهدافها واستراتيجياتها المستقبلية اتضح الاختلاف في مفهوم السياحة المحلية عن السياحة في أي مكان آخر، إذ تركز السياحة في المملكة على تقديم ثقافة الفكر وزيادة المعرفة واستثمار الوقت في كل ما هو ممتع ومفيد، بالإضافة إلى كسب المواطن والأسرة السعودية البقاء في الداخل من خلال تقديم خدمات سياحية مفيدة وهادفة وممتعة لكل أفراد الأسرة.
وتميز السياحة في المملكة يتمثل في التمسك بالثوابت الدينية والقيم الاجتماعية، وقد أشارت الاستراتيجية السياحية إلى وجوب تقديم خدمات سياحية للأسرة السعودية بطريقة علمية بحيث تتحقق من خلالها الاستفادة من وقت الإجازات القصيرة والطويلة في كل ما هو مفيد وممتع ومقبول من المجتمع في شتى أرجاء المملكة.
ولا شك أن وجود العزيمة وتوفر الشروط اللازمة لنجاح السياحة أمر مرغوب ومطلوب، فعلى سبيل المثال، من ضمن المواضيع التي تجعل من السياحة المحلية صناعة متميزة، حجم المعلومات السياحية والتسويقية وسهولة الوصول إلى المعلومات من قبل السائح، وأما النقطة الثانية فهي تُعنى بالقوى البشرية العاملة في السياحة والتي هي مصدر التميز، ويحتاج الأمر إلى أن نبدأ في تأهيل المجتمع للتدرب على فن تسويق الخدمة وتقديمها للسائح بصورة لا تقل عن مثيلاتها في مجتمعات أخرى تسبقنا في صناعة السياحة، وذلك عن طريق إعداد الكوادر التي ستساهم في تقديم خدمات السياحة بصورة علمية متميزة وذلك من خلال التركيز على التدريب.
كما يأتي التميز من خلال نشاط التسويق والأبحاث التسويقية وبحوث السوق والإعلان والمستهلك ونحو ذلك، وأن تكون لدى السياحة المحلية الأجهزة القادرة على إعداد الدراسات التسويقية عن اتجاهات السياحة ودراسة السوق السياحي المحلي ومتطلباته المتغيرة والمتميزة.
وأخيراً فإن السياحة في المملكة بدأت في انطلاقتها منذ بدأ المستثمرون بالاستثمار في هذا القطاع الخدمي الواعد، وبات الكثير من السكان والمقيمين يتطلعون إلى السياحة النظيفة المدروسة والمقبولة من المجتمع والتي تتماشى مع القيم ولا تخرج عن المألوف.
وتنفيذ الخطة الاستراتيجية الأخيرة للسياحة في المملكة والتي وافق عليها مجلس الوزراء الموقر يستدعي توفير تضافر الجهود من الجميع، وتوفير البنية الأساسية والخدمات المختلفة للوصول إلى الهدف، ونحن جميعاً مطالبون بتشجيع هذه الصناعة والقبول بها في البداية لإعطائها الفرصة لكي تنمو وتتمكن من اكتساب الخبرة والمنافسة على تحقيق رضا المستفيدين من السياحة بمختلف مستوياتهم، وهذا أمر متوقع من الجميع ويأمله الجميع.
*أستاذ إدارة الأعمال والتسويق الدولي - جامعة الملك عبدالعزيز بجدة
مقــال من مواضيع دلوعتي